البدايــــة
عام مضى منذ أن داعب ناظري محياها السمح الباسم لأول مرة .. عام من اليأس
والقنوط .. اهتز قلبي لنسيمها حين رأيتها بعد هذه المدة .. كنت قد حكمت
عليها بالنسيان .. ولكن كذب حدثي .. تعجبت .. إنها لم تغادر مخيلتي إلا
لتعود ثانية .. حازمة أمرها ثابتة طودها .. رزينة باسمة .. لم أجرؤ على
مخاطبتها .. لم أستطع مواجهتها .. كنت أخادع نفسي .. وأسخر من حالي ، وأزعم
نسيانها .. ولكنني أعود وأفكر فيها .. وكلما حدد الزمن موعدا ، أو فرصة
للقائنا .. فررت من أمامها وجلا مبلبل الفكر .. لا أدرى سببا لذلك .. ربما
لأنها هادئة .. وديعة .. رقيقة دمثة الخلق .. ربما لو كانت فتاة أخرى غيرها
ما وقفت أمامها مكبل الحواس .. معقود اللسان .. غاض الطرف .. لقد أعجزتني
بخلقها .. قيدتني بهدوئها .. عقدت لساني بثباتها .. ولكن الإنسان إذا وقف
أمام المستحيل مكتوف الأيدي .. شليل الإرادة .. فلن تتحقق المعجزة .. إذا
لم يحمل المحارب سلاحه فلن يعيش في ميدان المعركة .. ولن يحقق نصرا .. إذا
لم تـُبذر الأرض فلن تنبت زرعا ولا ثمرا .. إذا لم تذأر العاصفة وينشط
الريح فسينام الموج ويخمد .. إذا لم أتقدم منها خطوة فأخرى فلن تسمع كلماتي
وستضيع أحرفها في الفراغ الذي يفصلنا .
إذا لم أبدأ فلن أصل إلى نهاية .
وقررت أن أبدأ ..